فضاء المرأة

في اليوم الوطني للمرأة المغربية… محاربة العنصرية الجنسية هي الحل…..

 

إيمان الحفيان

 

اليوم الوطني  للمرأة المغربية 10 أكتوبر 2020 وسط أجواء ممزوجة بين التفاؤل والتشاؤم، محفوفة بالتحديات و الآمال لتحقيق الذات و الرقي و ضمانة المكانة الاجتماعية سواء بالنسبة للمرأة المثقفة و غير المتعلمة للمرأة القروية و للمرأة “الحضرية” بتحفظ،  لضمان التغيير الحقيقي بالنسبة للمرأة و التعامل معها ككيان و إنسان لا ينحصر فقط في الجسد، بعيدا عن اعتبارها مصدر تفريغ الشهوة الجنسية أو أنها آلة للإنجاب…أو خادمة بيت وهنا تندرج أطروحة تقسيم الوظائف فكلا الجنسين لهما كل الأدوار السابقة الذكر و لا يمكن حصر إمكانية أحدهما بحجة اختلاف الأعضاء التناسلية.

لن يحتفل المغرب بذكرى اليوم الوطني للمرأة سنة 2020 بسبب انتشار جائحة كورونا و على الرغم من  المنجزات والخطوات الجبارة، وكذا التحديات الكبرى التي اجتازتها و عاشتها المرأة أينما كانت، و المرأة المغربية على وجه الخصوص و التي منذ التسعينيات و هي تناضل و تطالب بتحسين وضعيتها بالعالمين القروي و الحضري بالمغرب لازال الحقوقيين و زعماء الحركة النسائية يطالبون بشدة بالمساواة و حقوق أخرى في إطار مقاربة النوع الاجتماعي.

لا ننكر الاهتمام الكبير بالمرأة مؤخرا و منافستها الكبيرة لأخيها الرجل لأجل تحقيق ذاتها و التفوق الذي أحرزته في جميع الميادين و القطاعات بشهادة العالم، و تجدر الإشارة إلى أن المغرب أيضا منح اهتماما للمرأة المغربية بكونها الأم و الأخت و الابنة قبل أن تكون الزوجة و الصديقة و الرفيقة، و هذا ما برز واضحا في الدولة المغربية  من خلال العناية السامية التي أولاها جلالته لقضايا المرأة في  الخطاب التاريخي الذي ألقاه صاحب الجلالة يوم 10 اكتوبر 2003 أمام البرلمان، معلنا جلالته عن مدونة الأسرة الجديدة.

و سنكتفي بالإشارة إلى بعض ما تمكنت المرأة من تحقيقه فيما يتعلق بآفاق وضعية المرأة، واستحضار سياق هذا الإصلاح الكبير، الذي هو مدونة الأسرة، على الرغم من عدم أجرأته كاملا و حسب التصورات و إنزاله على أرض الواقع بحيث لازالت النساء تعاني سواء بالعالم الحضري أو القروي و الرجل يهين كرامتها عبر الضرب السب الشتم و  إلى جانب التعنيف الجسدي لم تسلم من التعنيف الجسدي (التحرش الجنسي و التحرش اللفظي)، و تضييع حقوقها الزوجية و خاصة فيما يخص بنفقة الأبناء رغم أن المحكمة تحكم بتوصل الأبناء بمستحقاتهم.

وأكدت الوزيرة السابقة للتنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن نزهة الصقلي أن وضعية المرأة المغربية عرفت تقدما كبيرا خلال العشر سنوات الأخيرة أي منذ سنة 2003، و هذا لا يعني أن الوضعية تحسنت بشكل نهائي، بحيث التمميز الجنسي تمييز لابد منه و لا زال قائما باعتباره خلفية مجتمعية من الصعب تغييرها جذريا… و هذا يلزمنا سنوات أخرى لإعادة تقييم بيداغوجية التعامل مع الأنثى و تربية الابن “الرجل” مستقبلا على احترام الجنس الآخر الذي يطلق عليه الجنس اللطيف.

وهذا لا يمنع أن نصف الواقع التي تعيشه المرأة في المجتمع المغربي فهي مآسي كانت، إلى عهد قريب بانتظام، لا يحقق ما تسعى الوزارة الوصية على المرأة تحقيقه وهو على مستوى العدالة الإجتماعية، بحيث أن القضية مرتبطة بتغيير كبير و صعب و هو تغيير العقليات الذي يتطلب الكثير من الصبر و الجهد و الوقت المضاعف….

إن النساء اشتغلن و بمجتمع مغربي عربي مسلم في مناصب من بينها وزيرات ونساء قائدات ونساء مرشدات وسفيرات و سائقات طائرات…. و مناصب أخرى وازنة منحتها الرأسمال الاجتماعي و الاستقلال الاقتصادي.

فنجاح المرأة و تألقها  من نجاح الرجل الذي يسندها و يشد على يديها طيلة الحياة لا يمكننا الاحتفال بها ليوم واحد و عدم تجسيد احتفالنا مواقف و ترجمة الحب أفعال للإثبات الدور الجوهري التي تلعبه في حياة الرجل من جهة و أهمية حضورها كفاعلة داخل المجتمع بكونها مربية و مصلحة اجتماعية و منصتة جيدة و حنونة و عاطفية، و كل هذه الميكانيزمات تجعل منها قائدة أسرية و فاعلة اجتماعية أو سياسية مبدعة أينما تم وضعها بكوها منتجة و صبورة و خلاقة للأفكار بطريقتها الأنثوية ….

و أفضل عبارة يمكن أن نختم بها و هي تجاوز الصراعات القائمة بينها و بين الرجل كأنها حرب ابينهما شنتها أنظمة معينة و أخاه كلاهما على محمل الجد، فالمقاومة النسائية تتحرك عموديا وأفقيا بشكل واضح وخفي، ما يكفي ليهيمن النموذج الذي يختصر المثقف الرجل والمثقفة المرأة في الانشغال بالهموم الضيقة وفي الركض خلف الامتيازات الشخصية و حمل الهم المجتمعي الذي ستفك إشكالاته بتعاون الإنسانين “الرجل و المرأة” للسبر قدما و منح الحقوق كاملة لكلاهما بكون أيضا يتعرض للتعنيف في الجهة المقابلة و للتعذيب المرتبط بمسؤولية الإنفاق على البيت، و بتفاهم الطرفين و تحقيق انسجامهما الفكري لن يتمكن المجتمع بالتأثير على إنتاجيتهما فكل الإبداع يكون بحضورهما معا لأنهما لا يكملان بعض بقدر ما يكملان أي عمل يقومان به في أي قطاع و معا تكون نتيجة العمل مبهرة يغمرها الإبداع لأن أفكار الجنسين على قدر أنها مختلفة على قدر ما تضيف بصمة مختلفة متميزة و هو الأثر الذي يبحث عنه الإنسان منذ ولد و كرمه الله على جميع الخلق فالاسلام كرم المرأة و القانون حاول جاهدا أن ينصفها و يبقى اللوم كل اللوم على التفعيل الواقعي و الأجرأة على أرض الواقع و على كيفية تعامل المجتمع مع تطورات المجتمع و الذي تتطور فيه متطلبات المرأة و ذلك بفعل تركيبتها النفسية التي تختلف أيضا عن سيكولوجية الرجل.

و بمناسبة هذا اليوم و رغم كل الظروف نهنئ المرأة المغربية خاصة و المرأة أينما كانت بمختلف أرجاء العالم، و نتمنى لها المزيد من حصد الانتصارات و النجاحات و الألقاب و دوام التميز في كل مجالات حياتها، و نلتمس من الرجل كيفما كانت قرابته بتلك الأنثى أن ينصفها بعيدا عن القانون الاجتماعي و القانوني لإضافة نوعية تغمرها المودة و الرحمة ممزوجة بروح التعاون و الإبداع ليشهد التاريخ بالعمل القريب من المثالية نظرا لدقة المرأة في العمل و صبر الرجل على تحمل الصعاب شرط أن يكونا سويا بغض النظر عن الاختلاف على مستوى الجنس مع إلغاء كل التعقيدات التي تنحصر في التمييز العرقي أو العقدي أو الفكري أو الثقافي أو الاقتصادي، فإذا كانت المرأة كل المجتمع لابد من تحفييزها للاستمرار و العطاء لتقديم أحسن تربية للأجيال الذي نراها تصعد حاليا و هي مسؤولية مشتركة بين الأبوين و مؤسسات التنشئة الاجتماعية للحصول على مجتمع متوازن متصالح مع ذاته أولا و مع غيره في إطار محاربة العنصرية الجنسية التي هي السبب الرئيسي في الخلافات الكبرى و الحروب الباردة الكائنة من زمن طويل….