الأحداث الوطنية

الدكتورة سليمة الشرتي، نتاج تعليمنا العمومي وخير سفيرة للمغرب بالجامعات الفرنسية


بقلم عادل خالص
جريدة الأحداث الوطنية
مع انتهاء كل موسم دراسي وظهور نقط الحاصلين على شهادة الباكالوريا والاحتفاء بالحاصلات والحاصلين على أعلى المعدلات، ينتابنا إحساس بالافتخار بخريجي مؤسساتنا العمومية، ويبدأ التساؤل والمقارنة الدائمة بين فاعلية التعليم بالقطاع الخاص ونظيره بالقطاع العام، وهل هذا الأخير قادر على تكوين تلاميذ مؤهلين لاستكمال مسارهم الدراسي بكفاءة عالية، وهل ما يتم الترويج له وتداوله عن أفضلية التعليم الخاص أمر حقيقي، أم فقط هي دعاية هدفها الترويج للتعليم الخصوصي على حساب التعليم العمومي ببلادنا.
إن نظرة متأنية متمعنة لنتائج المتفوقات والمتفوقين خلال الموسم الدراسي الحالي وسابقيه يجعلنا نؤمن بمردودية مؤسساتنا العمومية وما تفرزه من كفاءات قادرة على فرض ذواتها سواء بالجامعات والمؤسسات المغربية أو بديار المهجر.
وكدليل على ما نقوله، ارتأينا الاستدلال بتلميذة كانت نتاج مؤسساتنا العمومية ومثلت بلدها خير تمثيل بالجامعات الأجنبية، ويتعلق الأمر بالدكتورة سليمة الشرتي التي حصلت على شهادة الباكالوريا شعبة العلوم الفيزيائية بميزة جيد جدا من الثانوية التقنية بمدينة العرائش سنة 2013م قبل أن تقرر إكمال تعليمها العالي بالديار الفرنسية، حيث تمكنت من الحصول على شهادة الماستر في الإدارة الدولية للنقل الجوي سنة 2019م من جامعة تولوز بميزة جيد جدا، وأخرى في الإدارة والخدمات اللوجستيكية في 2020م من جامعة بيربينيان، قبل أن تتوج مسارها الدراسي بحصولها على دكتوراه في العلوم الاقتصادية من نفس الجامعة من خلال أطروحتها المكتوبة باللغة الإنجليزية والموسومة ب”ديناميكيات الابتكار البيئي بفرنسا: التفاعل بين الابتكار البيئي والنمو الاقتصادي وتدهور البيئية من خلال عدسة شومبيترية” والتي ناقشتها سنة 2022م، والتي حاولت من خلالها الكشف على التفاعل المعقد بين الابتكار البيئي والنمو الاقتصادي وتدهور البيئى في فرنسا، باستخدام نهج مزدوج يدمج الاقتصاد الكلي والاقتصاد الجزئي، ويجمع بين نظرية الاقتصاد لشومبتير (Schumpeter) والنموذج الاقتصادي منحنى كورنتس البيئي (EKC).
لم تكتفي دكتورتنا المتفوقة دراسيا بالجانب النظري، وإنما حرصت كذلك على القيام بالعديد من الأنشطة التطبيقية الموازية سواء كمساعدة إدارية سنة 2018 بمنطقة جونفيل سور مير (Gonneville sur mer) أو كمرحلة جوية (Flight Dipatcher) بمطار “بيرجيراك دوردوني بيريجورد” الواقع بالجنوب الشرقي لمقاطعة دوردوني الفرنسية، حيث كانت تسهر على متابعة سير الرحلة من حين مغادرتها حتى وصولها من خلال الاتصال بين قائد الطائرة والمرحل الجوي لمعرفة الوقت المتوقع للوصول والنقاط التي تعبرها الطائرة وحالة الطقس في الأجواء العليا، ومراقبة وتسجيل أي تغير في مسار الرحلة ثم إبلاغ قائد الطائرة فوراً بأي معلومات جديدة قد تؤثر على الرحلة فضلا عن وضع البدائل المناسبة. كما اشتغلت كوكيل إداري بجامعة بيربينيان تراقب ملفات الطلبة وتكويناتهم وسنواتهم الدراسية و .. غيرها من المهام التي تحتاج كفاءة عملية وإتقانا للتعامل مع الحاسوب والبرامج. كبرنامج أبوجي Apogee (البرنامج المعلوماتي لتسيير الطلبة والأساتذة).
بالإضافة إلى انشغالها بالدراسة والمهام التي قامت بها ميدانيا، فإن الدكتورة سليمة الشرتي شاركت في كتابة العديد من المقالات العلمية كما حاضرت في العديد من الندوات والمؤتمرات العلمية بفرنسا، و ساهمت في المؤتمر الدولي حول “الحوكمة والابتكار والاستدامة” الذي انعقد مؤخرا بمدينة طنجة المغربية يوم 6 يونيو 2024م برحاب جامعة عبد المالك السعدي بالتعاون مع العديد من المؤسسات الدولية، والذي قدمت من خلاله الدكتورة سليمة الشرتي أبحاثها المبتكرة حول ديناميكيات الابتكار البيئي في فرنسا، مؤكدة في مداخلتها على أهمية استكشاف الديناميكيات بين النمو الاقتصادي والاستدامة والبيئة والابتكار، وأن الهدف الرئيسي من بحتها هو فهم كيف يمكن للابتكارات البيئية دعم التنمية الاقتصادية وتقليل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون.والمساهمة في تحقيق مستقبل أكثر استدامة.
وفي الختام، ومن خلال سردنا لبعض من مسار دكتورتنا المتألقة سليمة الشرتي، لا يسعنا إلا أن نقف احتراما وتقديرا لتعليمنا العمومي الذي رغم المشاكل التي يعانيها، يضل قادرا على تقديم طاقات ومؤهلات فرضت نفسها بالمغرب كما بالدول الأجنبية، ولنا في الدكتورى سليمة الشرتي خير دليل على أن الطلبة المغاربة يظلون خير سفراء لبلدهم بالدول الأجنبية وخاصة فرنسا التي تعد جامعاتها ومعاهدها الوجهة المفضلة للطلبة المغاربة