رثاء مؤثر في زمن كرونا

رضوان المسكيني : الاحدات الوطنية
قصة مؤثرة حكتها شابة إيطالية عن صديقها الخدوم ذو المبادئ السمحة ، كان يحب الجميع ويخدم الناس بدون هوادة في ظل الجائحة حاولت أن اترجمها لكم كما هي ، كانت هذه إحدى العبارات التى قالتها الفتاة الإطالية ذات التسعة عشر ربيعا وهي ترثي صديقها المسلم ذو الأصل العربي الذي كان عمله الوحيد هو تقديم خدمات إنسانية في بلدته للجميع .
إليك صديقي:
مر أسبوع على رحيلك عنا ، بدلت عالمنا بعالم أفضل ، اليوم أنت في دار البقاء ومازالت أعمالك بين أعيينا ، أحببت جميع أصدقائك وجيرانك ، لم أرى شخصا في قمة أخلاقك ، عاملتنا بسماحة دينك أحببت المسيحي والبوذي واليهودي واللاديني كنا سواسية عندك لايهمك عرق ولالغة ولادين ولاثقافة كيفما كان نوعها ، كنت رحيما بالعجزاء وصدرا رؤوفا بالأطفال ، لم أرى شخصا في طيبتك ، وجهك البشوش كان طلقا وقلبك متذكرا ، مازال شعارك الذي رفعته يوما أمامنا خدمة العالم الإنساني وسيبقى أملنا ودربنا فداء لروحك ولقياك .
في الأسابيع الأولى من الجائحة اتصلت بصديقي “خليل أدهم ” عبر الهاتف لأطمئن على أحواله خصوصا أننا في الحجر الصحي وأنا على علم كبير أنه ليس بمنزله قابعا مثلنا ، وأثناء محادثتنا طلبت منه عدم الخروج بكثرة بسبب عمله الجمعوي الخيري لأن الوطن كما يحتاجك في الضراء فهو يحتاجك في السراء، فأجابني بصوت أجش الطبيب ورجل الأمن وعمال النظافة في الصفوف الأمامية ونحن نقدم خدمات بسيطة للمسنين والعجائز والمرضى الغير قادرين على قضاء حوائجهم .فقلت له ومع ذلك مازلنا بحاجة إليك فخذ الحذر على صحتك فنحن لن نقدر على فراقك ولو فارقتنا ستبقى غصة في قلبنا أننا لن نستطيع رؤيتك ولاحتى توديعك ولا الصلاة عليك ، فقهقه كثيرا وقال لي أنا على بعد دقيقة من منزلك سأوصل الغرض إلى الأم “جانيت” فعندما أصل أخرجي يدك ولوحي بها من الشرفة ، وهذا ماكان عندما وصل إلى الحي لم أتمالك نفسي فخرجت عنده ولم أشعر بنفسي حتى وقفت أمام سيارته .
فقلت له أخاف عليك من هذا الوباء المتسلط فقد يفتك بك ، فأجابني بكل ثقة حتى لو غادرت هذه الدنيا فأنا متيقن أنا العالم الآخر أحسن من عالمنا بملايين المرات.
بعدها غادرنا خليل إلى ذلك العالم الذي فضله لأن المرض ألم به وفتك به فتكا ومازالت ذكراه أمام أعيننا ، وبعدها دخلت مباشرة إلى المستشفى بدوري لتلقي العلاجات من هذا الوباء القاتل وأحمد الله أني شفيت منه ، وتعلمت درسا مهما من صديقي ألف رحمة ونور عليه ،على أن كل شيء يهون في سبيل خدمة الإنسان ومنذ ذلك اليوم أخذت مكانه في الجمعية بدأت أقوم بنفس الأعمال التي كان يقوم بها .
أدركت اليوم أن خدمة بني جنسنا ليست بحد ذاتها هدف بل هي مبدأعلينا ان نعمل على تطبيقه ، ونجعله الشغل الشاغل في حياتنا هذا هو الدرس الذي تعلمناه من صديقنا الخدوم “خليل” صاحب أكبر قلب كان يسع الجميع .
انتهى
لم أجد كلمات أقولها بعد قراءة هذه الرسالة ، تضاربت الأفكار في مخيلتي ، وقلت في نفسي كيفما كانت شراسة جنود كرونا الخطير، إلا أن هناك جنودا أشد بئسا ومهابة منه ، ترفع لها القبعات فلترقد روحك بسلام ياخليل وأن يسكنك العلي القدير جنانه والحمد لله الذي جعل الموت بابا من أبواب رحمته .