فرنسا-الجزائر : بعد التهديدات.. تبون يغازل ماكرون مجددًا

في مقابلة مطولة مع صحيفة L’Opinion الفرنسية، تناول الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بالتفصيل الأزمة بين الجزائر وباريس، معتمدًا، كما جرت العادة، على نهج التصعيد قبل التراجع والدعوة إلى الحوار.
من التهديد إلى الاستجداء
منذ فترة، لجأ النظام الجزائري إلى التصعيد الكلامي مع فرنسا، في محاولة للضغط عليها كما فعل سابقًا مع إسبانيا، قبل أن يغير موقفه مجددًا ويدعو إلى استئناف الحوار مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
تبون، الذي وصف الأجواء بين البلدين بأنها “متوترة”، عبّر عن رغبته في تهدئة الأوضاع وإعادة فتح قنوات التواصل مع باريس، رغم تأكيده أن “العلاقات السياسية شبه متوقفة، فيما تستمر فقط العلاقات التجارية”، مشيرًا إلى ما أسماه بـ”التصريحات العدائية اليومية من المسؤولين الفرنسيين”.
قضية الصحراء المغربية تكشف ازدواجية الموقف الجزائري
في المقابلة ذاتها، لم يستطع تبون إخفاء الهوس الذي يحكم النظام الجزائري بملف الصحراء المغربية، حيث كشف بشكل واضح انحياز بلاده لهذا النزاع الإقليمي عندما قال: “لقد حذّرت ماكرون من أنه يرتكب خطأً فادحًا بخصوص الصحراء”.
تصريحاته هذه، تؤكد أن الجزائر ليست مجرد “طرف مراقب” كما تدّعي، بل لاعب رئيسي في هذا النزاع، ما يفسر جزئيًا التوتر المستمر مع باريس.
تنازلات جديدة للنظام الجزائري
ورغم نبرة التحدي التي ميزت تصريحاته، فإن تبون لم يتوانَ عن إرسال إشارات تهدئة، إذ أعرب عن استعداده لاستئناف الحوار مع فرنسا، في محاولة لاستعادة العلاقات التي شهدت توترًا متزايدًا في الأشهر الأخيرة.
وفي سياق آخر، حاول الرئيس الجزائري التملص من مسؤولية بلاده في قضية الكاتب الجزائري بوعلام صنصال، قائلاً: “هذه ليست مشكلة جزائرية، بل مشكلة من صنع أولئك الذين خلقوها”، وهو تصريح يوحي بإمكانية تسوية القضية إذا تطلب الأمر.
فرنسا تواصل الضغط الشعبي والسياسي
في المقابل، تأتي هذه التصريحات في وقت تؤيد فيه أغلبية الفرنسيين الموقف الصارم لحكومتهم تجاه الجزائر، حيث أن أكثر من 80% من الفرنسيين يدعمون فرض عقوبات اقتصادية على الجزائر، إذا استمرت في رفض استقبال مواطنيها الذين يتم ترحيلهم من فرنسا.
هذه المعطيات تضع النظام الجزائري أمام مأزق جديد، إذ يبدو أن خياراته باتت محدودة بين الاستمرار في نهج التصعيد غير المجدي، أو تقديم مزيد من التنازلات لضمان استمرار العلاقات مع باريس.