أقلام حرة، بدون

تبون يهدد بإعادة تسليح البوليساريو : تصعيد جزائري جديد ضد المغرب

في مقابلة مطولة مع صحيفة “لوبينيون” الفرنسية، عاد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مرة أخرى للحديث عن قضية الصحراء المغربية، القضية التي تُعتبر الهوس الأكبر للنظام الجزائري وذريعة للتوتر المستمر بين باريس والجزائر. وخلال تصريحاته، لمّح تبون إلى احتمال إعادة تسليح ميليشيات البوليساريو، في خطوة قد تؤدي إلى تصعيد عسكري مباشر مع المغرب.

تهديد علني بتسليح الانفصاليين

في تصريح صادم، قال تبون: “عناصر البوليساريو يطالبون بأسلحة، ونحن نحجم عن تزويدهم بها في الوقت الحالي”، وهو اعتراف صريح بأن الجزائر تمدّ الجبهة الانفصالية بالسلاح والدعم العسكري، لكنها قد ترفع هذا الدعم إلى مستوى أخطر في المستقبل.

هذا التصريح يحمل تهديدًا واضحًا بأن النظام الجزائري مستعد لتغيير قواعد اللعبة وفتح جبهة عسكرية مباشرة ضد المغرب، خاصة بعد سلسلة من الإخفاقات الدبلوماسية التي تكبّدها على الساحة الدولية، حيث تواصل العديد من الدول الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، مما وضع الجزائر في عزلة دبلوماسية متزايدة.

محاولات يائسة لتبرير الموقف الجزائري

في محاولة لتبرير دعمه المستمر للبوليساريو، لجأ تبون إلى حجج قديمة وواهية، مثل ادعائه أن “الجبهة لا تزال تحظى بدعم دولي”، مشيرًا إلى عضويتها في الاتحاد الإفريقي والقرارات الصادرة عن محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقيات التجارة بين المغرب والاتحاد الأوروبي.

لكن الحقيقة أن الاعتراف الدولي بالمغرب يزداد قوة، حيث انضمت إسبانيا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة إلى قائمة الدول الداعمة لمقترح الحكم الذاتي المغربي، وهو ما يضع الجزائر في موقف دفاعي ضعيف، ما دفع تبون إلى استخدام التهديدات العسكرية كورقة ضغط أخيرة.

تحريف التاريخ وترويج المغالطات

وكعادته، لم يتردد تبون في التلاعب بالحقائق التاريخية، حيث زعم أن الملك الراحل الحسن الثاني كان يسعى لإنهاء قضية الصحراء قبل وفاته، مستشهدًا بما أسماه “اعترافًا” للرئيس الكونغولي دينيس ساسو نغيسو. لكن دون تقديم أي دليل يدعم هذا الادعاء، وهو مجرد محاولة أخرى لتحوير التاريخ لخدمة الأجندة الجزائرية.

كما لجأ تبون إلى سرد مزاعم حول “أعمال عدائية” مزعومة قام بها المغرب ضد الجزائر، لكنه تجنب الحديث عن المبادرات العديدة التي قام بها الملك محمد السادس لإعادة العلاقات بين البلدين، بما في ذلك مبادرات المصالحة والدعوات المتكررة لفتح الحدود وتحقيق التكامل المغاربي.

الغضب الجزائري من الموقف الفرنسي

يبدو أن أحد الأسباب الرئيسية وراء التصعيد الجزائري هو الدعم الفرنسي المتزايد للمغرب في قضية الصحراء. فقد كشف تبون أنه خلال اجتماع مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قمة G7 في يونيو الماضي، أبلغه الأخير بأن فرنسا ستتخذ موقفًا أكثر وضوحًا لصالح السيادة المغربية على الصحراء.

هذا التحول الفرنسي أغضب النظام الجزائري، الذي حاول الضغط على باريس عبر سلسلة من التهديدات الدبلوماسية والاقتصادية، لكن دون جدوى. في النهاية، يبدو أن الجزائر تسير في نفس الاتجاه الذي سارت فيه مع إسبانيا، حيث أثارت أزمة دبلوماسية كبرى، ثم تراجعت في نهاية المطاف بعد فشلها في تحقيق أي مكاسب.

هل يتجه النظام الجزائري نحو التصعيد العسكري؟

اللغة التصعيدية التي استخدمها تبون، والتلميح إلى إمكانية تسليح البوليساريو بأسلحة متطورة، تكشف عن إحباط واضح داخل دوائر صنع القرار في الجزائر، بسبب الهزائم المتتالية في الملف الدبلوماسي.

لكن اللجوء إلى المواجهة العسكرية المباشرة ضد المغرب سيحمل عواقب كارثية على الجزائر نفسها، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تعاني منها، وانهيار ثقة الشعب الجزائري في نظامه السياسي.

التصريحات الأخيرة لعبد المجيد تبون تعكس مأزق النظام الجزائري، الذي بات غير قادر على مواجهة النجاحات الدبلوماسية التي يحققها المغرب. وبينما يحاول تبون اللعب بورقة التصعيد العسكري، فإن الحقائق على الأرض تشير إلى أن المغرب يواصل ترسيخ سيادته على أقاليمه الجنوبية، في حين تعاني الجزائر من عزلة دولية متزايدة.