هي قصة حب ممنوع بين ضابط شرطة متزوج وفاتنة من تطوان. انتهت العلاقة بردهات الفرقة الوطنية بالبيضاء، وسجن العرجات بسلا. أغرم المسؤول الأمني بالفتاة، فاختلس أموال وقود عربات أمن الولاية وسلمها لها، عبر دفعات. بعد مرور سنوات على “العشق الممنوع”، اكتشفت العشيقة أن الشرطي يريد الارتباط بفتاة أخرى، فهددته بكشف علاقتها معه أمام زوجته وزملائه في المهنة، وباختلاس أموال الوقود أمام رؤسائه في العمل.
لطفي شاب يتحدر من وادي زم. ترك المدينة بعد نجاحه في مباراة للأمن، واستقر بتطوان ليشتغل ضابطا للشرطة بولاية أمن المدينة. تولى الضابط مسؤولية جسيمة مكلفا بمصلحة وقود قطاع سيارات أمن مدن الفنيدق والمضيق وتطوان ومرتيل.
ذات مرة دخلت فتاة فاتنة إلى مقر الولاية، لإنجاز بطاقة تعريفها الوطنية. أثارت الحسناء الضابط، فاقترب منها، مقترحا عليها مساعدتها في إنجاز وثائقها الإدارية، فتبادلا أرقام هاتفيهما. شرع الشاب المتزوج وذو الابنين، في تبادل رسائل العشق مع الحسناء، وذات مرة قبلت الفتاة ربط علاقة غرامية به. 500 درهم كانت أول هدية تتلقاها العشيقة من رجل الأمن، وبعدها باتت تتلقى هدايا مالية أخرى ولقاءات بالمطاعم الشهيرة بتطوان وضواحيها. وجدت العشيقة في ضابط الأمن مصدر رزق غير منتظر، فربطت مصيرها به رغم علمها بزواجه.
البحث عن المال
أغرم لطفي الذي يتحدث باللهجة “العروبية” في الفتاة “الجبلية”، وبات يبحث عن موارد مالية إضافية، لإرضائها واستمرار العلاقة معها. استغل مسؤوليته في الإشراف على مصلحة وقود السيارات، فتلاعب ب”البونات” الموجهة إلى أفراد الأمن الوطني العاملين بولاية الأمن بتطوان. كان يبيع “البون” الواحد إلى الراغبين في الحصول على الوقود بثمن أقل من قيمته الحقيقية. ذات مرة ضغط عليه مسؤول محطة المحروقات لأداء ما بذمة الولاية لفائدة المحطة، لكن الضابط أجاب المسؤول بثقة عالية بالنفس، أن التحويل المالي سيصله فور تدارك العجز المالي الذي تعرفه ميزانية المديرية العامة للأمن الوطني. واصل الضابط عمليات الاختلاس المالي، إلى أن وصل إلى مبلغ 238 مليون سنتيم. اشتد الضغط عليه فمنح فواتير مزورة إلى مسؤول المحطة، تحمل توقيعات مسؤولين كبار بالأمن.
ليال حمراء
تفجرت الفضيحة حينما تقدم مالك محطة الوقود بشكاية أمام النيابة العامة، يتهم فيها المسؤول الأمني بخيانة الأمانة. تفاجأ وكيل الملك بحجم المبالغ المختلسة، وشك في فواتير مزورة، فأحال الشكاية على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، حينما تبين له أن الأمر يتعلق بجرائم مالية همت اختلاس وتبديد أموال عمومية والتزوير.
بعد أيام قليلة من وصول الشكاية إلى الرباط، تدخلت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على الخط، وأوقفت الضابط، فاعترف تلقائيا بأن فتاة من تطوان استولت على ما اختلسه من أموال.
أوقف المحققون الفاتنة فتفاجؤوا بتصريحاتها بخصوص علاقتها العاطفية مع الضابط الموقوف. عادت الموقوفة إلى سرد تفاصيل معرفتها الأولية بالمسؤول الأمني، حينما وطأت قدميها مقر ولاية الأمن لإنجاز بطاقة تعريفها الوطنية، وتبادلا نظرات عشق، وبعدها أرقام هاتفيهما، انتهت بقصة حب وراء القضبان.
أقرت العشيقة بتسلمها الليلة الواحدة مبالغ مالية تتراوح ما بين 6 و7 ملايين سنتيم. وزاد طمعها في المال مقابل الجنس، وخصوصا حينما اكتشفت أن الضابط بات يستولي على أموال المحروقات دون أن يكتشف مسؤولوه أمره، ويبيع “البونات” بثمن أقل من سعرها الحقيقي، فتهافت عليه العشرات من أصحاب السيارات.
تحولت الموقوفة في رمشة عين من فتاة فقيرة تنتمي إلى أسرة “محافظة” بدروب تطوان العتيقة، إلى فاتنة ظهرت عليها علامات الثراء.
ابتزاز
ذات مرة بلغ إلى علم الفاتنة أن عشيقها يتواصل مع فتاة أخرى، فأحست أن مستقبلها سيضيع منها. فحولت حياة الشرطي إلى جحيم، وباتت تقصد مقر ولاية الأمن لتهديده أمام رؤسائه المباشرين بالكشف عن اختلاساته المالية، وعلاقتها الجنسية به، وبعدها حصلت على رقم هاتف زوجته، وانتقلت إلى التهديد بكشف العلاقة التي تربطه بها.
خضع الضابط لتلك التهديدات وبات يمنحها مبالغ مالية سواء بطريقة مباشرة أثناء اللقاء بينهما، أو عن طريق وكالات لتحويل الأموال، وكلما استجاب لطلبها إلا وزاد طمعها في الحصول على مال أكثر.
واجه المحققون لطفي بأدلة قطعية ووضعوه في موقف محرج أمام الملايين الضائعة من ميزانية المديرية العامة للأمن الوطني. أخبر ضباط الفرقة الوطنية الموقوف أن ميزانية المديرية العامة للأمن الوطني لا تعاني أية خصاص مال، وأن الوعود التي كان يقدمها إلى مالك المحطة لا أساس لها من الصحة، فكان جوابه في نهاية المطاف الاعتراف بالتهمة المنسوبة إليه، في تزوير الفواتير ومنحها لمالك المحطة، وبالتلاعب في “البونات” المعروفة لدى الأمن ب”السيمات”.
جرائم مالية تنتظر الشرطي وعشيقته
كان رجل الأمن يعتقد أن جريمته بسيطة ترتبط بجنحة النصب، بعد وضع الشكاية من قبل مالك محطة الوقود في الموضوع، استنادا إلى الفصل 540 من القانون الجنائي المغربي، لكن بعد تكليف الفرقة الوطنية واتساع دائرة الأبحاث، ووصول القضية إلى الوكيل العام للملك بالرباط، وجد نفسه أمام جرائم ثقيلة رفقة العشيقة، وجهتها لهما قاضية التحقيق المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستنئاف بالرباط.
سطرت القاضية المتابعة للمسؤول الأمني في جرائم اختلاس وتبديد أموال عامة والتزوير في محررات عمومية واستعمالها والنصب، فيما واجهت العشيقة تهمة المشاركة في هذه الجرائم. استعطفت العشيقة قاضية التحقيق بالإفراج عنها ولو بكفالة مالية لإثبات الحضور، لكنها وجدت نفسها رهن زنزانة بالسجن المحلي بالعرجات.
إدانة الضابط والخليلة
رغم استعطاف العشيقة لقاضية التحقيق أكثر من مرة، بسبب حملها نتيجة علاقة جنسية غير شرعية، لكنها رفضت طلبها، بسبب خطورة الأفعال الجرمية التي ارتكبتها.
اضطرت العشيقة إلى إثارة الهيأة القضائية بغرفة الجنايات الابتدائية، مرة أخرى، وحملت مولودها معها إلى الكرسي المخصص للوقوف أمام الهيأة أثناء مناقشة قضيتها في جلسة علنية.
كان الرضيع يصيح بصوت مرتفع، والأم تبكي، وأثناء استعطافها لرئيس الجلسة، بإيجاد حل لاعتقالها بسبب وضعها، أمرها بمراسلة الوكيل العام للملك في شأن طلب السراح.
بعد جلسات ماراثونية من التحقيق الذي استمر من ماي 2018 إلى المحاكمة في مارس 2019، أي عشرة أشهر، أدانت غرفة جرائم الأموال الابتدائية الضابط بثلاث سنوات حبسا، وبغرامة 5000 درهم، كما قضت في حق العشيقة بسنة ونصف سنة حبسا وبالغرامة نفسها.