الأحداث الوطنية

الحاجب..مدينة ساحرة تساير ركب التنمية بهدوء

بقلم : حميد بن التهامي


ينتابك الشوق ويسكنك وأنت تلج مدينة الحاجب زائرا، ويصعب عليك نسيان جمالها الذي استقر داخل حقيبة خيالك ولن تمحوه الأيام ما طالت، هي المدينة الحلم التي طالما بحث عنها كل عاشق للسكينة والطمأنينة لما تتمتع به من طبيعة ساحرة زاوجت بين عيون ومنتزهات ذائعة الصيت ” منتزه عين الذهيبة، وعين خادم…” ولوجها يمحو عنك كل مظاهر الاغتراب وتجد نفسك لأول وهلة بين أهلك وذويك، سرعان ما تنصهر بينهم وتنتقل من زائر إلى صاحب بيت..
الحاجب قبلة للاستجمام والترفيه:
تعزز إقليم الحاجب في الآونة الأخيرة بميلاد بعض الفضاءات الترفيهية ، في إطار برنامج عمل استهدف تأهيل وترميم بعض المنتزهات التي توجد بوسط مدينة الحاجب ، والتي كانت عبارة عن فضاءات مهملة ومهمشة ، حيث تحولت بفضل الأشغال والأوراش التي عرفتها إلى منتزهات ومتنفسات سياحية وترفيهية، تغري سكان الإقليم والزوار بجمال طبيعتها ومناظرها الخلابة ،حيث يقصدونها للاستمتاع بجماليتها ومن أجل ممارسة رياضة المشي والترفيه عن النفس..
ويعتبر منتزه “عين الذهيبة” من بين المنتزهات التي تم ترميمها في إطار برنامج عمل السلطات الإقليمية ، إذ تم تأهيل هذا المرفق وترميمه على مساحة خمسة هكتارات بكلفة قدرها 18.200 مليون درهم بمساهمة مجلس الجهة وبشراكة الوكالة الجهوية لتنفيذ العديد من المشاريع التنموية، وهو فضاء ترفيهي جرى تأهيله ليتحول إلى وجهة للاستجمام والترفيه ، فضلا عن تثمين مجرى المياه وتجهيزه بالإنارة العمومية وبإنارة التزيين التي تضفي جمالا ورونقا على المكان ليلا.كما تم إحداث مساحات خضراء خاصة بالعائلات وبألعاب الأطفال.هذا المنتزه،تخترقه ممرات لممارسة رياضة المشي والركد ..، بالإضافة الى تجهيز المكان بمرافق صحية وأكشاك تجارية ،علاوة عن نصب كراسي فردية وأخرى عائلية ، وتخصيص موقف لسيارات الزوار وإحداث مقر للحراسة والوقاية المدنية من أجل سلامة الزوار.
وشملت عملية التهيئة لفضاءات ترفيهية أخرى ، كل من عين خادم وعين مدني وعين بوتغزاز التي تأثث مدينة الحاجب هي الاخرى ، وذلك في إطار شراكة بين المجلس الاقليمي وجماعة الحاجب ، حيث تحولت هذه العيون الى منتزهات تجلب الزوار من الداخل والخارج بعد أن تم تجهيزها وتهيئتها بكلفة مالية قدرها 6.5 مليون درهم على مساحة تقدر بحوالي هكتارين.
تأهيل عيون الحاجب لتعزيز التنمية السياحية بالمدينة:
حتى وإن كانت السياحة غير متطورة على الرغم من توفرها على مواقع جمالية نادرة، فإن مدينة الحاجب تعول على تفرد عيونها المائية لتعزيز جاذبيتها السياحية وموقعها كبوابة نحو مرتفعات الأطلس والمناطق الصحراوية للمملكة .فضلا عن منحدراتها وقصباتها وجمالية أسوارها.و تشكل عيون الحاجب إحدى نقط الجذب بالنسبة للسياح الذين يتوافدون على المدينة، حيث إن (عين ذهيبة) و(عين خادم) أو منابع (عين بورغزاز) و(عين مدني) تزين الفضاء الحضري للحاجب وتنضاف إلى مظاهر الجمال الأخرى في المنطقة على غرار عيون (بودوبة) و(أغبال) و(الحد) و(السلامة) و(بطيط) و(آيت إيكو).
وهذه المواقع المتميزة بطبعها النادر الجاذب لعدد كبير من الزوار، أصبحت موضوع اهتمام خاص من قبل السلطات الاقليمية والمجالس المنتخبة والمجتمع المدني. وتجسد هذا الاهتمام من خلال المصادقة بالإجماع ، مؤخرا ، على مشروع إعادة تأهيل أربعة من النقط المائية الطبيعية وهي (عين ذهيبة) و(عين مدني) و(عين خادم) و(عين بورغزاز)، بغلاف مالي يقارب 60 مليون درهم.
ويأتي هذا المشروع الهام تنفيذا لتوصيات صودق عليها في ختام لقاءات تشاورية شارك فيها فاعلون محليون دعوا إلى تعزيز الوجهة السياحية للحاجب من خلال الاستفادة من الكنوز الطبيعية والسياحية والحضارية للمدينة التي هي بوابة الأطلس المتوسط، وفق نائب رئيس المجلس البلدي مصطفى حكيم الذي أضاف أن تحقيق هذا الهدف يمر بالضرورة عبر تأهيل عيون المدينة.
ويعد هذا المشروع الذي يندرج في إطار شراكة بين مجلس الجهة والمجلسين الإقليمي والبلدي ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، مفيدا بأن الشطرين الأول والثاني من هذه العملية سيهمان تأهيل (عين ذهيبة) قبل تعميم العملية على منابع أخرى تشمل (عين مدني) و(عين خادم) و(عين بورغزاز). إن تأهيل هذه المواقع المائية سيشكل رافعة حقيقية اقتصادية وسياحية للمنطقة حيث أنه سيتم إنشاء مدار حولها بما يطور البنية السياحية للمدينة، مشيرا إلى أن الدراسات قد تم إنجازها والأشغال سيشرع فيها عند متم السنة الجارية.
ومن جانبه، سجل رئيس (جمعية بلاطان للتنمية المستدامة) بالحاجب سعيد العيطة بأن المدينة تزخر بعدة عيون تجري بها المياه على طول السنة وحتى في أوقات الجفاف، مما يعد كنزا وجب الحفاظ عليه، معربا عن الأسف كون هذا الغنى ، الذي قل نظيره في مناطق أخرى ، لا تستفيد منه الحاجب على النحو الأكمل، معتبرا أن هذا الغنى يمكنه أن يغير وجه المدينة لو تم استغلاله بشكل سليم وفق رؤية جديدة ومقاربة مندمجة، بما يفضي إلى تجسيد تحقيق حلم “المدينة العجيبة”، على اعتبار أن ثربتها ملائمة لزراعة كافة أنواع النباتات. كما أشاد باستفادة هذه العيون من مشروع كبير لإعادة تأهيلها بعد المصادقة، مؤخرا،عليه من طرف مجلس جهة فاس-مكناس والمجلسين الإقليمي والبلدي، ملاحظا أن من شأن هذه المبادرة تثمين عيون الحاجب التي يأمل المجتمع المدني أن تدرج ضمن المواقع المصنفة تراثا وطنيا ولم لا تراثا عالميا.مشيرا إلى أن هذا المشروع يعتبر كفيلا بتحويل الحاجب إلى مدينة لاستقبال السياح عوض كونها ممرا للعبور إلى مناطق أخرى من قبيل مدينة آفران، مبرزا الحاجة لإدراجه ضمن مجهود واسع للنهوض بالمدينة التي تتطلع إلى أن تصبح عاصمة إيكولوجية بفعل غناها الطبيعي.
وبعد أن شدد على أهمية الآثار الاقتصادية والاجتماعية لهذا المشروع على الساكنة المحلية، حذر العيطة ، من جهة أخرى ، من مغبة تغيير النظام الزراعي بالمس بجودة المياه وتدفقها، لاسيما عبر اللجوء إلى استعمال المبيدات وحفر الآبار.

تأمين المدينة من الفيضانات :

في إطار برنامج عمل سلطات الاقليم للنهوض بالمنطقة، عرفت مدينة الحاجب مؤخرا ميلاد سلسة من المشاريع في إطار ما وصف ببرنامج عمل سلطات الإقليم بهدف النهوض بالمنطقة ، حيث تم على إثره ، تأمين المدينة من فيضانات واد “بوبودا”، في إطار مشروع تم تنفيذه بشراكة بين وزارة الداخلية ومجلس الجهة والمجلس الإقليمي وحوض سبو بكلفة مالية قدرها 9.5 مليون درهم ، وذلك من أجل تقوية جنبات ومنحدرات الوادي بالأحجار، كما تم بناء أسوار بالخرسانة المسلحة وبناء منشأة فنية (قنطرة) وإحداث مجارى ثانوية لتحويل مياه الأمطار نحو الوادي.

معالجة إشكالية البنايات المهددة بالانهيار:

تشكل البنايات والدور الآيلة للسقوط من بين الظواهر التي كانت قبل سنوات تهدد الأحياء العتيقة بمدينة حاجب، وتعتبر إحدى أهم تجليات الفقر والتهميش الاجتماعي والاقتصادي في الحضيرة .وللتصدي لهذا المشكل المحفوف بالمخاطر،تم إحداث مشروع هام يأتي في إطار برنامج عمل سلطات الإقليم، يروم معالجة إشكالية البنايات المهددة بالانهيار على مستوى جماعة الحاجب ، حيث تم تنفيذه في إطار شراكة بين وزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والاسكان وسياسة المدينة الى جانب شركة العمران ، حيث استهدف معالجة الوضعية السكنية لفائدة 417 أسرة تقطن ب 288 سكن مهدد بالانهيار، الى جانب تدعيم وترميم 44 محل تجاري، بكلفة مالية قدرها 24.79 مليون درهم.

وأوضحت المصادر ، بأن برنامج معالجة إشكالية البنايات المهددة بالانهيار، يهدف إلى هدم 23 بناية أهلة بالسكان وتقديم دعم مادي مباشر للأسر المعنية بالهدم والإفراغ ، الى جانب تدعيم بعض البنايات المجاورة وهدم 25 بناية فارغة ، مع تدعيم البنايات المجاورة لها، علاوة عن ترميم وتدعيم 44 محل تجاري وتقديم دعم مادي للأسر ، من أجل تدعيم وتقوية 240 سكن.

وأضافت ذات المصادر ، بأنه وفي إطار مشروع آخر يخص معالجة الدور الآيلة للسقوط وإفراغ الدور المهددة بالانهيار من قاطنيها وهدمها أو تدعيمها على مستوى بعض الجماعات التابعة للإقليم ، فقد تم تنفيذ في إطار شراكة بين وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير وسياسة المدينة ووزارة الداخلية وجماعات الحاجب وأكوراي وعين تاوجطات وسبع عيون ، بكلفة قدرها 14.99 مليون درهم ، حيث استهدفت أشغال هذا المشروع ، معالجة ما مجموعه 102 بناية من أصل 129 كمرحلة أولى ، في انتظار أن تتواصل عملية المعالجة لتشمل باقي البنايات الاخرى في مرحلة موالية ، في إطار اتفاقية مبرمة في الموضوع ، على حد تعبير المصادر.

إنشاء منصة لإدماج الشباب في سوق الشغل:

أحدثت بمدينة الحاجب مؤخرا، المنصة الإقليمية للشباب،وذلك في إطار تفعيل برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مرحلتها الثالثة وخاصة البرنامج الثالث الذي يهم تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب.

وأبرز عامل الإقليم، زين العابدين الأزهر، أن هذا المشروع يروم مواكبة الشباب (الفئة العمرية المستهدفة من 18 إلى 45 سنة) في إعداد وتنفيذ مشاريعهم المهنية من خلال منصة ترسي جسور التواصل مع مختلف الشركاء المؤهلين لمساعدة الشباب على تحقيق أهدافهم المقاولاتية.

وذكر في هذا الإطار، أن مشاريع مماثلة تم إطلاقها بالموازاة مع برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، يتعين الاستفادة من خدماتها، مؤكدا ضرورة جعل المنصة الجديدة فضاء إشعاع على صعيد الإقليم من خلال تنظيم عدد من القوافل التحسيسية.

من جهته أبرز طارق أرزاز، رئيس قسم العمل الاجتماعي بالعمالة ، أن البنية الجديدة ستساهم دون شك في تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب، مضيفا أنها ستعمل على ثلاث محاور للتدخل تتمثل تحسين قابلية التشغيل ودعم ريادة الأعمال وتثمين سلاسل الإنتاج ودعم الاقتصاد الاجتماعي والتضامن. مضيفا أن المنصة مزودة بفضاءات مخصصة للاستماع وتوجيه وتكوين الشباب،علما أنه تم إسناد عملية التدبير الى جمعية “الحاجب مبادرة” بدعم من الشركاء المساهمين في تكوين وتأطير الشباب.

فيما صرحت رئيسة جمعية “الحاجب مبادرة” نعيمة بدري أن الجمعية تنكب على 3 مخططات عمل تشمل المقاولة وقابلية تشغيل الشباب ثم محور الاقتصاد الاجتماعي والتضامني،معتبرة أن الفضاء الجديد يتيح للشباب فرصة الانخراط في عالم الشغل سواء عبر البحث عن فرص العمل أو خلق مقاولاته الخاصة بدعم من المنصة التي توفر الاستماع والتوجيه والمواكبة.

وعلى هامش افتتاح المنصة، تم التوقيع على اتفاقيتين بين لجنة العمالة للتنمية البشرية للحاجب وجمعية “الحاجب مبادرة”، والشبكة الإفريقية للتنمية المستدامة وحاملي مشاريع آخرين. وتهم الاتفاقية الأولى دعم مشروع إحداث ورشة لنجارة الألمنيوم بينما تروم الثانية انشاء وحدة لإنتاج وتسويق مواد التنظيف.