
بقلم/ سيداتي بيدا
في مشهد يعيدنا خطوات إلى الوراء، شهدت مباراة ولوج مسلك تكوين أطر الإدارة التربوية – دورة يوليوز 2025 – فضيحة مدوية بجهة الشرق، تُنذر بانهيار الثقة في أحد أهم آليات الترقية المهنية داخل قطاع التعليم. فبدل أن تكون المباراة مناسبة لتكريم الكفاءات التربوية وتمكينها من أدوار قيادية مستحقة، تحولت إلى مهزلة حقيقية عنوانها “الإقصاء الانتقائي، والمحسوبية، وغياب الشفافية”.
فوجئ الأطر التربوية والمهتمون بالشأن التعليمي على الصعيد الوطني بتسجيل أضعف نسبة نجاح في الجهة الشرقية مقارنة بباقي الجهات، حيث لم يتجاوز عدد الناجحين في الشق الكتابي 46 مترشحاً فقط، في وقت تجاوزت فيه النسبة 80% ببعض الجهات الأخرى.
لكن الكارثة لا تقف هنا، إذ تبيّن أن 15 من هؤلاء الناجحين ينتمون إلى نفس القاعة (القاعة رقم 4)، ما يمثل حوالي 50% من مجموع الناجحين. هل نحن أمام صدفة؟ أم أمام توزيع مسبق للنتائج؟ إن كان هذا لا يُعتبر دليلاً على وجود عبث في التصحيح والانتقاء، فما الذي يمكن اعتباره كذلك إذن؟
حسب شهادات من داخل المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بجهة الشرق، تم إسناد عملية التصحيح لأطر غير مختصة في مجالات الإدارة التربوية، بل وتمت دون توحيد للمعايير، في تجاوز صارخ لأبسط قواعد الإنصاف والموضوعية. وبالنتيجة، وجد مئات المترشحين أنفسهم خارج السباق، دون فهم ما الذي وقع، ولا كيف تم تقييمهم.
هل أصبحت المباريات مجرد واجهة شكلية تخفي وراءها مخططات إقصائية محبوكة؟ وهل أصبحت الجدارة تُقاس بالصدفة، أو بأساليب لا تليق لا بقطاع التعليم ولا بكرامة نسائه ورجاله؟
الفضيحة بلغت ذروتها مع تأكيد نجاح أستاذ تاريخ توظيفه لا يتجاوز شتنبر 2015، أي أنه لم يستوف شرط الأقدمية (10 سنوات)، وهو ما يُعد اختراقًا مباشراً للمذكرة المنظمة للمباراة، ويفضح تواطؤاً أو استهتاراً في فحص الملفات.
من يتحمل مسؤولية هذا التجاوز؟ من سمح بترشيحه؟ ومن صادق على نجاحه؟ أم أن “المحظوظين” فوق القانون؟
الجهة الشرقية… الإقصاء الممنهج؟
المفارقة العجيبة أن جهة الشرق تُسجل كل عام أعلى معدلات النجاح على المستوى الوطني في صفوف المتعلمين، فهل من المنطقي أن تكون أطرها بهذا الضعف؟ أم أن هناك سياسة ممنهجة لتهميشهم وضرب طموحاتهم في الترقّي؟ وهل تحوّلت الجهة إلى حقل تجارب لمباريات مفخخة؟
