أقلام حرة

معاناة ريان.. بين “لطيف” المسلمين وسماحة البابا وتراتيل اليهود.. ونُفوق المعطي منجب والكتاني وبوغنبور

بقلم: أبوعلي

لا نعرف ماذا جرى بين الله وبين الطفل ريان في قعر الجب في تلك الساعات الظلماء. لكن المؤكد هو أن الله كان أحن عليه من كل العباد، حتى يسخر له أكف البشرية جمعاء لتدعو له بظهر الغيب بالنجاة أو القبول في جنات النعيم.

ولا نعرف ماذا كان يضمر الطفل ريان في قلبه الصغير، حتى يدعو له المسلمون والمسيحيون واليهود بالنجاة والخلود، ويترجى له من سواهم، من غير أصحاب الديانات التوحيدية، الخلاص من موحشات ظلمة الحفرة التي هوى إليها مرتقيا إلى عنان السماء.

لكن محنة الطفل ريان أبت إلا أن تكشف لنا “حقيقة أولئك الذين يناضلون بمعاناتنا، ومن يزايدون بقضايانا، ومن تسلموا (العربون) في محننا “! فعندما كان بابا الفاتيكان يشكر المغاربة على تطويع الجبل فداءا للطفل ريان، كان المعطي منجب يبحث عن إسقاطات “قصة النورس ومحدودية آليات الوقاية المدنية” ليشكك في المجهودات التي بذلت لإنقاذ الفتى ريان من حلكة باطن الأرض.

وعندما كان الأزهر الشريف يلهج بالدعاء بالصبر والسلوان لذوي الفتى المكلوم، وكانت معه حناجر قبائل جبالة وغمارة، ومعهم المغاربة أجمعين، تصدح بتلاوة “اللطيف” لإنقاذ الطفل ريان، كان المعطي منجب وحده يتلاعب بتصريحات مستشار مغمور في ديوان وزير التجهيز، صدرت عنه بصفته الشخصية، في محاولة بائسة للتغريد خارج السرب، بدعوى أن المغرب تقاعس في إنقاذ واحد من فلذات كبده!.

إنها حقيقة المعطي منجب الذي لا يرى في قضايا المغاربة ومعاناتهم سوى مطية تصلح لتصريف رسائل عدمية بنكهة سياسية! فحتى ابتلاء الطفل ريان لم يسلم من تدوينات المعطي منجب المسرفة في النضال السياسوي الرخيص. بل حتى نفوق طائر النورس بمدينة الرباط يصلح كذلك لازدراء الدولة والتهكم عليها من باب الاستهداف البئيس.

ولم يكن المعطي منجب “النافق” الوحيد من زمرة الناعين والمبتهلين والمتضامنين مع محنة الطفل ريان التي شغلت العالم بأسره. بل خرج حسن الكتاني، السجين السابق في قضايا الإرهاب، ينقح ويصحح طريقة نطق المغاربة لاسم الضحية، ناسيا أو جاهلا بأن اسم “ريان” هو اسم علم مذكر موجود عند العرب والعجم. فهل كان المخرج العالمي Steven Spielberg يعرف بأن اسم ريان هو نهر في الجنة عندما أخرج الفيلم الأمريكي الشهير “Il faut sauver le soldat Ryan”؟ أم أنها مجرد مزايدات في الحشو اللغوي مثلما هي حشوة هؤلاء المتدثرين بلحاف الدين؟.

ولم يكن حال عبد الرزاق بوغنبور ببعيد عن المعطي منجب. فقد خلع المعني بالأمر جبة “الناشط الحقوقي” وارتدى سترة “السمسار الإعلامي والوسيط الصحفي”، عندما انبرى يبحث جاهدا في المنصات التواصلية على من يدله على رقم هاتف والدي الطفل ريان! ليس للتعزية أو للتضامن أو للمساعدة أو مشاطرة الأحزان، وإنما ليتاجر بذلك الرقم ويزايد بمحنة الأسرة والأم الثكلى، نظرا لأن القناة الأجنبية التي كانت تستأجر مداخلاته طلبت منه ذلك! ولمن يتعذر عليه استيعاب هذه البراغماتية المفرطة ما عليه سوى مراجعة تدوينة عبد الرزاق بوغنبور التي تنضح ب”النضال من أجل القناة الأمريكية”.

أما عبد الإله بن عبد السلام، ولمن لا يعرفه من الأجيال الجديدة فهو منسق ما كان يسمى يوما “بالائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان”، فقد عمّم مساء السبت المنصرم، وتحديدا بالتزامن مع إعلان وفاة الطفل ريان، بيانا يرحب فيه بتقرير منظمة العفو الدولية حول إسرائيل دون أن يكترث لمعاناة المغاربة في فقدان الطفل ريان! وكأن حقوق المغاربة لا تساوي شيئا أمام حقوق الأغيار؟ أو لأن ما يجمع المغاربة لا يصلح للترحيب به أو التضامن معه لأنه في نظر “أحفاد التروتسكيين” يخدم الدولة أكثر ما يخدم المنظمات المحسوبة على حقوق الإنسان؟

فشكرا أيها الملاك ريان وإلى مقام الفردوس الأعلى مع النبيئين والشهداء والصديقين، واترك لنا هنا فوق هذه الأرض كلا من المعطي منجب وحسن الكتاني وعبد الاله بن عبد السلام وعبد الرزاق بوغنبور ومن هم على شاكلتهم… لأنك لست منهم ولن تكون منهم، فهم لا يتاجرون إلا في البضاعة المزجاة.