أقلام حرة

هل سنكتفي بالترحم و البكاء على الأطلال عند كل فاجعة قاتلة للرأسمال البشري؟

 

بقلم إيمان الحفيان

 

هل سنكتفي فقط بالترحم كالعادة على ضحايا فواجع متكررة و محزنة بالمغرب؟ عادت بنا و أعادتنا “فاجعة طنجة” إلى فواجع هزت المغاربة حيث أن كل التحقيقات التي أجريت لم تشفي غليل الغاربة، مات ما يقارب 56 عامل و عاملة سنة 2008 خنقا ب”محرقة روزاور” بالبيضاء، ثم “فاجعة تيشكا” 2012 و التي فقدنا إثرها 42 شخصا بعد انقلاب حافلة لنقل المسافرين بين زاكورة ومراكش، و دفن حق عائلات الضحايا كما دفنوا هم في التراب، و كيف لنا أن ننسى مأساة من أجل لقمة العيش بمدينة الصويرة سنة 2017 ، و عديدة هي هذه الفواجع صراعا لأجل البقاء و تأمين قوت اليوم بالنسبة للطبقات الضعيفة بالبلد كما تم تسمية ضحايا “فاجعة طنجة” بشهداء لقمة العيش تكرر نفس الوضع كما حدث مع “شهيدات الدقيق”.
قبو سموه ب”السري” ألا يعمون أن كم من قضية تحدث سرية و لكنها معلن عنها أمام السلطات المعنية بذلك السر و تتستر عنه لغاية في نفس يعقوب، خسارة بشرية تقدر ب أكثر من 28 عاملة وعامل بأحد العامل الصغير غير المصرح بها بمدينة طنجة الكبرى تكبر و تكبر همومها معها و هموم ساكنتها الذين يستصغرونهم…
أسئلة كثيرة تطرح فيما حدث و فيما يتوقع أن يحدث مستقبلا و إن كانت جائحة كورونا كشفت العيوب بالمغرب، جاءت أمطار الخير بدورها لتفضح ما تبقى لفضحه، و هنا نتساءل عن الجهات المعنية أين يتجلى دورها في هذه الكارثة الأخلاقية قبل أن تكون بشرية أو كارثة طبيعية؟ أين مفتشية الشغل بطنجة ألم تعلم بأن أكثر من 100 عاملة وعامل يشتغلون تحت الأرض في معمل عشوائي، ألم يخبرهم كل من القدم و القائد و الباشا ألا يعتبر دورهم المناط بهم هو هذا؟؟؟
من الطبيعي أن تغرق المدينة بمياه الأمطار رغم أن ذلك ليس في صالح العديد منا و العديد من الأحياء المهمشة و خاصة بكبريات المدن كعاصمة البوغاز فالخسائر تكون فادحة من تساقط المنازل و تبلل الأوراق و الممتلكات المهمة بالنسبة للطبقات الضعيفة و المهمشة و ما أكثرها في مدينة طنجة بحكم كثرة الأحياء الشعبية، قد نقبل قضاء الله و قدره في أن مياه الأمطار قد تغرق المدينة و تقطع الطرقات لساعات، وقد تابعنا هذا الأمر بالعديد من المدن والمناطق، أما الأمر غير المقبول أن تقتلنا أمطار الخير بسبب الإهمال و تأخر الإسعافات و التخلي عن المسؤولية فيما يتعلق بالبنيات التحتية و العمل في ظروف ملائمة بالإنسان لأن الله كرمه و لكن في المقابل أهانه البشر مثله، فكل ما حدث و ما يحدث الآن و ما سيحدث ببلدنا و بكبريات المدن كالدار البيضاء و المدينة أمر يستوجب أكثر من وقفة و أكثر من حل إجرائي مستعجل و حان الوقت لتطبيق القانون المتعلق بربط المسؤولية بالمحاسبة.

المغاربة اليوم تعبوا، أهينوا، و تحملوا أكثر من طاقتهم، انتظروا تغيير الأوضاع، و ما يرونهم اليوم هو سوء التدبير و سوء التسيير، تغييب الحوار، و الموت البطئي، و الموت الفعلي في الفياضانات و حوادث السير و حوداث الشغل…
هذه الفاجعة هي مناسبة حزينة للوقوف عند نقطة محاسبة المسؤولين الحقيقيين، نريد أن نوجه أصابع الاتهام إلى المسؤولين الذي بيدهم إغلاق الوحدة الإنتاجية غير القانونية، اكتفينا من أكباش الفداء الذين هم الفئة المستضعفة لا حول و لا قوة لها إلا بالله …
أي ذنب لشهداء لقمة العيش كي يتركوا خلفهم أسر و كلنا مذهولون من أثر صاعقة اختلط وقعها بالمطر والرشوة والفساد الذي ينخر هياكل هذه الدولة في واضحة النهار، دون خوف أو مهابة من المحاسبة، وفي و السؤال الجوهري هو متى يحاسب المسؤولون الحقيقيون عن الكوارث والمصائب التي تقع في هذه البلاد؟

و هل سنكتفي كالعادة بتقديم العزاء والإعراب عن التضامن مع ضحايا فاجعة طنجة؟ وزراء و مسؤولين على حائطهم الفايسبوكية، برتوكول اجتماعي لا يسمن و لا يغني من جوع… و نحن كشعب هل سنبكي على الاطلال كعادتنا دون تحريك ساكن…؟
و ختاما، نطالب جميعا بفتح تحقيق إداري وقضائي من طرف الجهات المعنية و إطلاع الرأي العام بكل النتائج و إشراكنا بالأسباب الكامنة وراء كل ما راح ضحيته أناس يشحذون لقمة اليوم و لا يسعون وراء الغنى أو ما شابه…