من السلم الأصغر إلى السلم الأعظم …. ومن كرونا نبدأ..”
مسكيني رضوان الأحدات الوطنية
جميع الأحداث التي عاشها العالم على حد سواء قبل الربيع العربي أو بعده كانت تبشر بحلول أزمة عالمية ذات وبال خطير، حيث نادت قوى العالم الصناعي الغربي بفتح سوق صناعي عالمي سيضخ الأرباح على الأثرياء ، ومناصب الشغل على الفقراء ليتبن للجميع أن هذا ماهو إلا كيد قامت به السيدة (العولمة) والذي جعل الأثرياء يسحبون الأرباح تلو الأرباح بينما الدول الفقيرة سحبت الديون تلو الديون. كل هذا كان على حساب الفقراء والبيئة وعلى حساب حقوق الأجيال المقبلة من الثروات الطبيعية فزادت الاختلالات وتصاعدت الكوارث ،أما الحرب على الطاقة والماء عمقت التفاوتات بين الدول التي أدت إلى عجزجميع السياسات العمومية (وطنية- دولية )على اتخاذ قرارات فعالة تسعى إلى رفاء الجنس البشري ورخائه.
علمتنا كتب الله المنزلة على جميع المظاهر الإلاهية(الرسل) على أن العذاب المنزل على العباد ماهوإلا بابا من أبواب رحمته ، حتى ولو كان ظاهره نقمة ، فباطنه رحمة بالعباد.
تسخير الخالق للأزمات من كوارث وأوبئة ليس انتقاما من عباده ، ولكنها عبرة في شؤونه ،فهو ناظم الكون منذ الأزل والحاكم في المبدأ والمآل تحت راية المحبة والسلام .
فعندما تطغى الماديات على الروحانيات تتجبر قوى الهدم على نظيرتها في البناء ، فتتدخل جنود الله لحفظ العالم محبة ورحمة بالإنسان ذو الأصل والكيان الواحد.
إن جميع الانتكاسات التي عرفها العالم سابقا كانت سببا في الرجوع إلى الاتحاد والاتفاق ، وهذا ما يعيشه عالمنا الحاضر اليوم بسبب كارثة أغلقت جميع الحدودات بين البشر ، وتسببت في اضطراب العالم وحزن أهله ،وكأنها شتاء موحش بليله الحالك وبرده القارس، فكيفما كانت شدته يهدأ في نهاية المطاف ، معلنا مجيئ دفئ شمس الربيع ، وحلكة ذلك الليل وظلمته يعقبها ضياء النهار ، وغبار الخريف تغسله زخات الربيع .
كيفما كانت قوى البشر فهي محدودة في هذا العالم واتحادها يجعلها قادرة على الوقوف أمام جميع الأزمات – بقوة الدعاء – كما تحتاج إلى القوى الغيبية التي تستطيع توحيد الأرواح والأفكار، مدركة لرؤية أوضح وأعمق أن وحدة العالم الإنساني متأصلة ومترابطة في البشر منذ الأزل.
في ظل الجائحة التي أصابت العالم اليوم تبين ضعف البشرية رغم جميع الاختراعات المتقدمة التي أبانت عن ضعفها أمام كائن صغير بملايين الدرجات ، والذي رفع راية التحدي أمام جميع الدول والرؤساء. كل هذا ليس بالصدفة ولكنه علامة من علامات الخالق لعباده مصداقا لقوله 🙁 ألم يأن للذين آمنو أن تخشع قلوبهم لذكر الله ) . إشارة واضحة لهذا الوباء الذي جاء من الله لموعظة البشر والتراجع عن جميع الأفكار والأعمال الهدامة التي ساهمت في سبات العالم وخروجه عن المسار القويم للخطة الالاهية . مصداقا لقوله ( ولاتكونوا كاللذين طال عليهم الأمد).
لقد حان وقت التفكير في بناء عالم أفضل ونظم جديد لكل أهل العالم ينعم الكل فيه بالأمان والسلام خافقة فوقه راية الاتحاد والاتفاق ، أساسه الحرية وجميع المبادئ الكونية والعيش الرغيد للبشرية.
الكرة اليوم في ملعب قادة جميع الدول والمنظمات وجميع الهيئات العالمية، خصوصا في هذه الفترة التاريخية الحاسمة لإعادة البناء والإعمار للحضارة الإنسانية، والاتجاه إلى رب الجنود المذكور في جميع الكتب السماوية والذي أصبحت خطته مكشوفة للعيان ولاتقتصر على ذوي النظر الثاقب للحديد .
بشريتنا المعذبة لم تهزم اليوم أمام معسكر أوإيديلوجية معينة ، بل أمام خطركبير يتهددها والمطلوب خطة جديدة بل نظم عالمي جديد ليس لتحريك الاقتصاد ومعالجة قضايا اجتماعية جديدة فقط ، بل يلزمنا “كوكبة” جديدة للجنس البشري تحت راية ” السلام الأعظم” كمبدأ عالمي تسعى نحوه جميع الشعوب والأمم، وله جوهر دفين يتبلور داخل الانسان، تدعمه المواقف الأخلاقية والروحانية التي تساهم في نضج أفكار البشرية وكيفية القضاء على المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والفوارق الشاسعة بين الطبقات ، ومحاربة التطرف والعنصرية بجميع أشكالها ( دينية- لغوية – عرقية – سياسية – إيديولوجية……) . ولا يمكن تحقيقه بالتنظير فقط بل يتطلب التطبيق والالتزام به على الصعيد الفردي والأسري والوطني والعالمي حتى نصل إلى وحدة الجنس البشري .
جائحة كرونا لاتجعلنا قليقين على صحتنا وصحة دوينا وأفراد مجتمعنا ، بل أكثر من ذلك يتطلب تولد القلق الخلاق – فينا – إزاء وضعنا الراهن في العالم بالانفتاح الذكي على جميع الثقافات والتحلي بالشجاعة الفكرية التي تساهم في نبذ التعصبات والسير نحو العيش المشترك كخطوة أساسية نحو السلام الأعظم .