مجتمع

حوار مع السيد عبد المالك بوغابة رئيس المنتدى المتوسطي للسياحة بجهة طنجة تطوان الحسيمة

 

 

سؤال رقم 1
رغم المؤهلات السياحية التي تتوفر عليها مدينة الحسيمة، إلا أن كل المهتمين بالمجال السياحي يؤكدون أن السياحة بالحسيمة تراجعت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، خاصة السياحة الخارجية؛ حيث لم تعد المنطقة تستقبل السياح الأجانب كما كان الأمر في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، وهذا راجع إلى مجموعة من الأسباب الخارجية والداخلية. في نظركم أين يتجلي هذا التراجع وما هي أسبايه؟
جواب

تراجع النشاط السياحي، وذلك بالرغم من المجهودات المبذولة لحد الآن لإنعاش هذا القطاع بالإقليم فإن مستوى السياحة لازال ضعيفا جدا والغريب في كل هذا هو أن هذه الثروة عوض أن تكون قاعدة صلبة لظهور تنمية سياحية بالريف ، أصبحت هدفا للتخريب والتدمير في الوقت الذي كثر فيه الحديث عن وضع استراتيجيه بعيدة المدى للنهوض بالقطاع السياحي ، وكذا عن تنمية مناطق الشمال. أو ما يصطلح عليها “بالحسيمة منارة المتوسط” وهناك عدة مشاكل وعراقل تحول دون تحقيق تنمية مستديمة ومندمجة للقطاع السياحي بالمنطقة ، رغم أن هذا القطاع لازال مطلبا شعبيا “حراك الريف نموذجا” ملحا سيعمل في حالة هيكلته إلى استيعاب “فيروز” البطالة الذي يهدد المنطقة ويساهم كذلك في توفير العملة الصعبة، وليس هناك أي وجهة نظر محددة أو بالأحرى زاوية نظر تجعل المنطقة تأخذ طابعا ثقافيا وسياحيا في آن واحد ، دون أن تملك رؤية شمولية وإستراتيجية دقيقة موازية لمشروع بهذا الحجم.

فهذه التراجع الخطير و الركود الكبير في الحركة السياحية في الوقت الذي كانت فيه المنطقة تعرف رواجا سياحيا متميزا. نظرا لموقعها الهام إلا أن خصوصيات وإمكانيات المنطقة لا ترفع من النشاط السياحي، نظرا لغياب سياسة سياحية واضحة، وللتأمل فان القطاع السياحي بمجالاته المتباينة لازال يعاني من تعثرات تجعله بعيد عن تحقيق أو بالأحرى المساهمة في دفع مسلسل التنمية إلى الأمام، فالسياحة الجبلية بإقليم الحسيمة تعرف اليوم أخطر أنواع التلوث الهادف إلى القضاء على التنوع البيولوجي المتمثل في أنواع الحيوانات ، النباتات ، الغابة … .علاوة على غياب برامج واضحة في شأن تحديد معالم هذه السياحة وتوفير البنى اللازمة لتيسير الأنشطة السياحية بالجبل الريفي خاصة وان منطقة إقليم الحسيمة لازالت تعيش في عزلة طبيعية وأخرى ساهمت فيها سياسة الدولة التي جعلت من المنطقة بدون الحدود الدنيا من البنية التحتية، وهو الأمر الذي يبعدها عن فرص الإستثمار السياحي. حيث يضم ساحل إقليم الحسيمة عدة شواطئ يرتادها عدد مهم من السواح أغلبيتهم مغاربة، سواء من أفراد الجالية المهاجرة المنتمية للإقليم أو من السكان المحليين أو القادمين من داخل البلاد. وإذا كان النشاط السياحي قد عرف أوجه في المنطقة في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، فإنه حاليا -خصوصا منذ 1990- أصبح يعرف حالة ركود تام ساهم فيها أساسا عدم تأقلم الفاعلين السياحيين مع تحولات السياحة الدولية، إضافة إلى تحول جغرافيا السياحة الوطنية نحو جنوب البلاد (خاصة محور مراكش / أكادير..) الذي أضحى محج السواح والاستثمارات السياحية.

ولكون الساحل يعد قاعدة السياحة في المنطقة. فإن استغلاله المفرط (زحف الإسمنت، استنزاف الرمال ، تلوث، تخييم عشوائي) وعدم إخراج التصميم المديري للساحل إلى حيز الوجود، من شأنها زيادة حدة التدهور وفتح شهية المضاربين العقاريين لإنشاء وحدات سياحية لا تلبث أن تصبح مساكن ثانوية، تتحول معها الشواطئ من مجالات عمومية إلى ملك خصوصي كما وقع للساحل التطواني بين مرتيل والفنيدق. هذا يطرح، بالطبع، مسؤوليات جسيمة على السلطات العمومية المختصة وعلى الجماعات المحلية الساحلية من أجل تفادي أي انزلاق للطابع العمومي للساحل ولوظيفته الأساسية المتمثلة في السياحة والترفيه.
سؤال رقم 2 من بين أهم القطاعات التي كان ينتقدها السكان المنطقة والجمعيات العاملة في هذا المجال، نجد قطاع السياحة، حيث كان ينتقد بشدة سياسة الدولة في هذا المجال، وكان يعتبرون أن هذه السياسة تقوم على تشجيع استقدام “بطارق الخليج” إلى الريف من أجل نشر الفساد وهتك عرض الريفيات العفيفات؟ إلى أي حد كانت سياسة الدولة تذهب في هذا الاتجاه؟
جواب
المغرب بدوره رفع في إستراتجياته التنموية مجموعة من التحديات الكبرى، خصوصا في مخططاته السياحية، وذلك من قبيل “رؤية 2010” أو ما أصبح يسمى الآن ب “رؤية 2020” التي خاض المهنيون بشأنها العديد من النقاشات في المناظرات الدولية للسياحة في كل من فاس والسعيدية سنتي 2008 – 2009، مستحضرين في ذات السياق ظروف حركة السياحة العالمية في ظل العولمة والمنافسة الشديدة التي يشهدها العالم من جهة، والظرفية الاقتصادية العالمية من جهة ثانية

يوضح أن موقع منطقة الحسيمة ضمن الخريطة الجديدة للوجهات السياحية كان خارج هذه المخططات، في حين أن المنطقة لها تراكم كبير في تاريخ السياحة الشاطئية، وذلك منذ الستينيات من القرن الماضي وعبر إستراتيجية التنمية السياحية للمناطق الشمالية في المخطط السياحي 1965 – 1967، غير أن المنطقة عرفت نوع من التهميش والإقصاء السياسي والاقتصادي، كان له الأثر السلبي حتى على هذا القطاع، ولم تظهر بوادر التغيير في السياسة الرسمية اتجاه المنطقة إلا على إثر زلزال 24 فبراير 2004 .

إن نجاح أي رؤية سياحية للحسيمة هو مرتبط أشد الارتباط بإشراك جميع الفاعلين المحليين في قطاع السياحة، وذلك من أجل المساهمة في التخطيط والتنفيذ لأي إستراتيجية تنموية في القطاع السياحي محليا، وهي الاستراتيجية التي يمكن من خلالها بداية تشخيص واقع السياحة بالمنطقة، وبعدها رسم آفاق تنمية هذا القطاع، وذلك حتى لا تتكرر مثلا نماذج وتجارب العديد من المشاريع السياحية لساحل تطوان (مرينا أسمير – ريستنكا – ومناطق سياحية وعقارية أخرى بالمنطقة…) بحيث أصبحت جل هذه المؤسسات السياحية شبه مغلقة أو في الطريق إلى ذلك… جل مستثمرها أجانب ومنهم على وجه الخصوص “دول الخليج”..

سؤال رقم 3 في نظركم، ّإلى أي حد ستسطيع مشاريع منارة المتوسط الإجابة عن أهم معظلات التنمية التي يعرفها إقليم الحسيمة والتي كانت سببا في اندلاع الحركة الإجتماعية(البطالة، العزلة، الهجرة..)؟
جواب
أما مشروع منارة المتوسط على مستوى المضمون لا يحمل أي مؤشر يذكر في الأفق يتعلق بالمشاريع السياحية. إلا بعض المشاريع ذات العلاقة بالقطاع السياحي…. ( أتحدث عن الجانب السياحي). المهم أسباب تدهور القطاع السياحي بالإقليم يعود إلى عزوف الدولة عن مواصلة أوراش البناء التنموي بالمنطقة سبب اندلاع حراك الريف ويرفع مذكرة مطلبية مفادها التشغيل من أجل تقليص من البطالة.. رفع العزلة عن المنطقة.. و تخفيف من الهجرة لأبناء المنطقة.. وضمان الاستدامة في التنمية المحلية.