الأحداث الوطنية|صحة وطب

مجزرة صامتة في مستشفياتنا: من يحاسب قتلة الإهمال؟

IMG-20250917-WA0111

متابعة وتحرير : سيداتي بيدا

مرة أخرى، تُزهق روح بريئة داخل مؤسسة يُفترض أنها ملاذ للعلاج لا مقصلة للموت. رضيعة تلفظ أنفاسها الأخيرة في المستشفى الإقليمي بالسمارة، لا بسبب مرض استعصى على الطب، بل جراء ما يبدو أنه إهمال طبي جسيم يمكن وصفه دون مبالغة بأنه جريمة مكتملة الأركان.

كم من طفل، وكم من أم، وكم من مريض دخل المستشفى أملاً في الشفاء، فخرج في تابوت؟ وكم من مأساة يجب أن تقع حتى نُدرك أن ما يحدث ليس حوادث معزولة، بل مؤشر على نظام صحي متآكل، منهار، لا يملك من مقومات الإنسانية سوى الاسم؟

وفاة الرضيعة، وفق ما تناقلته تقارير محلية وشهادات عائلات، ليست سوى نموذج لما يتكرر يوميًا خلف جدران المستشفيات العمومية: غياب التجهيزات، تأخر في التدخل، لامبالاة قاتلة، وربما غطرسة مهنية تجعل من بعض العاملين في القطاع الصحي يتعاملون مع المرضى كأرقام أو عبء، لا كأرواح بشرية.

ما نحتاجه اليوم ليس فقط فتح تحقيق، بل فتح ملف الإهمال الطبي على مصراعيه. نحتاج مساءلة حقيقية، صارمة، لا تحابي أحدًا. نحتاج إلى نيابة عامة تضع حدًا للتهاون، وإلى وزارة صحة تتحمل مسؤوليتها لا أن تكتفي بلغة البلاغات واللجان الصامتة.

هل ننتظر ضحية أخرى حتى نتحرك؟ هل أصبح الفقير في هذا الوطن لا يملك حتى الحق في علاج آمن؟ إن التساهل مع القتلة المقنّعين بالبذل البيضاء هو خيانة أخلاقية وقانونية، ولا يمكن أن يستمر هذا الصمت الرسمي في وجه ما أصبح إبادة صحية ممنهجة ضد الفئات الهشة.

الرضيعة التي فارقت الحياة في مستشفى السمارة كان يمكن أن تعيش، كان يمكن إنقاذها. لكنها ذهبت، وربما تُنسى كما نُسي غيرها، ما لم يكن هناك تحرك قضائي حقيقي، ومحاسبة صارمة، وإرادة سياسية لإصلاح المنظومة من جذورها.

كل دقيقة تمر دون إصلاح هي دعوة صريحة لمأساة جديدة. وكل مسؤول يلتزم الصمت اليوم، قد يكون شريكًا غير مباشر في جريمة الغد.