الأحداث الوطنية

التمييز العنصري الممنهج ضد الصحافة الأمازيغية

 إلى السيد محمد مهدي بن سعيد

وزير الشباب والثقافة والتواصل

معالي السيد الوزير،

لقد دشنتم منهالسنة الجديدة 2022 ، بلقاء هام مع كوكبة من الفاعلين وممثلي الهيئات المهنية في مجال الصحافة والإعلام الوطني من بينها المجلس الوطني للصحافة (CNP)، والفيدرالية المغربية لناشري الصحف (FMEJ)، والجمعية الوطنية للإعلام والناشرين (ANME)، والفدرالية المغربية للإعلام (FMM)، والنقابة الوطنية للصحافة المغربية (SNPM)، وذلك يوم الأربعاء 5 يناير 2022، حول مستقبل المقاولة الصحفية، والذي انعقد على خلفية الأزمة العميقة التي يعرفها القطاع بسبب الثورة الرقمية في عالم الاتصالات وكذا تداعيات جائحة كوفيد-19.

معالي السيد الوزير،

اسمحوا لي أن أعرض أمامكم ملاحظاتنا الوجيهة وانتقاداتنا البناءة، خاصة وأنكم تتولون زمام ومسؤولية هذا القطاع داخل الحكومة الجديدة التي يقودها “أمغار” عزيز أخنوش. إنها نفس الانتقادات تقريبًا التي سبق أن وجهناها لرئيس المجلس الوطني للصحافة (1):

رغم اعتراف دستور فاتح يوليوز 2011 بالهوية الامازيغية في ديباجته وتنصيص مقتضيات فصله الخامس على ان اللغة الامازيغية لغة رسمية بالمغرب إلى جانب اللغة العربية، إلا أن الصحافة المغربية ووسائل الإعلام الوطنية والمجلس الوطني للصحافة، تواصل  للأسف الشديد ممارسة التمييز العنصري تجاه الصحافة الامازيغية، التي تم تجاهلها عمدا من قِبل سلفيْكم عثمان الفردوس وقبله  محمد الأعرج (رغم تبجحهما بكونهما أمازغييْن ويتحدثان اللغة الأمازيغية)، واللذان ساهما في خنقها ماليا من خلال إهمالها وذلك في عزّ الأزمة التي أرخت بظلالها خلال السنتين المنصرمتين  بسبب جائحة كوفيد-19، حيث تم تعليق الدعم السنوي الضئيل للغاية المخصص للصحافة الأمازيغية، على الرغم من أن الهدف الأساسي من ورائه هو تعزيز التنوع الثقافي، وخاصة الهوية الأمازيغية،  ودعم المجتمع الحداثي الديمقراطي التعددي.

معالي السيد الوزير،

اسمحوا لي أن أعرض أمامكم ملاحظاتنا الوجيهة وانتقاداتنا البناءة، خاصة وأنكم تتولون زمام ومسؤولية هذا القطاع داخل الحكومة الجديدة التي يقودها “أمغار” عزيز أخنوش. إنها نفس الانتقادات تقريبًا التي سبق أن وجهناها لرئيس المجلس الوطني للصحافة (1):

رغم اعتراف دستور فاتح يوليوز 2011 بالهوية الامازيغية في ديباجته وتنصيص مقتضيات فصله الخامس على ان اللغة الامازيغية لغة رسمية بالمغرب إلى جانب اللغة العربية، إلا أن الصحافة المغربية ووسائل الإعلام الوطنية والمجلس الوطني للصحافة، تواصل  للأسف الشديد ممارسة التمييز العنصري علانية في حق الامازيغ وهويتهم وصحافتهم (للإشارة فقد كان هناك سنة 2001 ، حوالي عشرة عناوين صحفية أمازيغية لم يبق منها اليوم إلا عنوان واحد فقط، وهو مهدد بخطر الاختفاء ! (2)).

رغم مصادقة البرلمان بغرفتيه بالإجماع، على القانون التنظيمي رقم 26.16  المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، والذي دخل حيّز التنفيذ في فاتح أكتوبر 2019، بعد صدوره يوم 26 شتنبر 2019 في الجريدة الرسمية عدد 6816، لم تتوقف الصحافة المغربية ووسائل الإعلام الوطنية (بما في ذلك الإعلام السمعي البصري كالقناة الأولى، والقناة الثانية وميدي1 سات…) عن ممارسة هذا التمييز ضد الأمازيغ وصحافتهم، كما تشهد بذلك الحملات التحسيسية  التي أنجزها المجلس الوطني للصحافة، الذي غيّب فيها اللغة الأمازيغية بشكل مُمنهج، رغم اعتراف وزارة الاتصال بها منذ عام 2006!

إلّا أن الأمر الأكثر مدعاة للقلق والشجب في نفس الوقت، هو ادعاء المجلس الوطني للصحافة أن هذه الحملات 

تهدف أساسا إلى محاربة الأخبار الزائفة والكاذبة، في وقت يواصلون فيه استخدام عبارة “المغرب العربي” الخاطئة، وذلك في خرق صارخ لديباجة الدستور المغربي.

إن وسائل الإعلام هذه، تتصرف كما لو انها تجهل بان المغرب ليس عربيا بالمرة (3)، وان أصول سكان شمال افريقيا (وعرب الشرق الأدنى)، ترجع إلى المغرب بالذات، وعلى وجه التحديد بالموقع الأثري “أدرار ن إيغود”، الواقع على بعد 70 كلم من مدينة مراكش، والذي اكتشف فيه أقدم إنسان-من صنف الإنسان العاقل، يعود تاريخه إلى حوالي 315 ألف سنة خلت(4)  ! وهي حقائق علمية أكدتها معطيات الأنثروبولوجيا الوراثية (5) وأحدث الاكتشافات الاركيولوجية(6)  .

وبناءً على هذه الحقائق، نود أن نلفت اهتمامكم، السيد الوزير، وانتباه أعضاء المجلس الوطني للصحافة (الذين تكرموا بالرد

على مراسلتنا يوم 28 مايو 2021 من خلال جواب مراوغ ولا يمت للموضوع بصلة، والذي ستجدون برفقته نسخة منه!)، وكذا الفاعلين الأخرين في مجال الصحافة والإعلام الوطني (الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، والجمعية الوطنية للإعلام والناشرين، والفدرالية المغربية للإعلام، والنقابة الوطنية للصحافة المغربية، والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وميدي1سات…)  وجميع الصحافيين المغاربة، للعمل على:        

–         أولا، تجنب جميع المصطلحات والأوصاف التي تشير إلى التجانس القهري اللغوي أو العرقي أو الإثني، الخاطئ والعنصري تجاه ملايين المواطنات والمواطنين الأمازيغ، سواء كانوا يتحدثون الأمازيغية أو العربية أو كانوا معربين، أو عبريين أو فرانكفونيين، كما هو الشأن بالنسبة للعبارات التالية: “الشعوب

العربية”، و”العالم العربي”، و”الوطن العربي”، و”المنطقة العربية”، و”الأمة العربية”، و”الربيع العربي”…، علما أن العرب أنفسهم، الذين ينحدرون فعلا من الجزيرة العربية، لا يتوانون في استغلال شبكات التواصل الاجتماعية للاعتراف الصريح بالهوية الأمازيغية لشمال إفريقيا، وهو ما تم تأكيده مؤخرا خلال بطولة ما سمي بـ ” كأس العرب FIFA 2021 ” الذي نُظم بقطر!

–         ثانيا، الإلتزام باستخدام مصطلح “المغرب الكبير” أو “شمال أفريقيا” وذلك طبقا لمقتضيات الدستور المغربي الصادر في فاتح يوليو 2011، والتي غيرت نهائياً تسمية “المغرب العربي” بـ”المغرب الكبير” من أجل تجنب الترويج القهري للفكر القومي العروبي وشعاراته التي أكل عليها

الدهر وشرب، والتي تتعارض مع الحقيقة التاريخية والتكوين الأنثروبولوجي للسكان في المملكة المغربية وفي كل شمال إفريقيا التي نسميها “تامازغا”.

–         ثالثا، العمل على تغيير اسم وكالة الإعلام الرسمية من “وكالة المغرب العربي للأنباء”، إلى “وكالة الأنباء المغربية” بكل بساطة، كما يظهر ذلك بشكل جلي باللغة الفرنسية على السيارات التابعة للوكالة.

معالي السيد الوزير،

إننا نأمل أن تبذلوا، من الآن فصاعدا، قصارى جهدكم لمحاربة هذا التمييز العنصري ودعوة أعضاء وزارتكم وجميع الصحافيين المغاربة إلى استخدام المصطلحات والتعابير التي من شأنها الانخراط في تطبيق مضامين الدستور المغربي باعتباره القانون الأسمى في البلاد، والذي نصت مقتضياته على المساواة الكاملة بين العربية 

والأمازيغية وعلى أنهما اللغتان الرسميتان للدولة. وهو ما ينسجم في الواقع، ويتوافق مع التوصيات الأخيرة المتعلقة بالعقد الدولي للغات الشعوب الأصلية (2022-2032) الذي أطلقته للتوّ كل من الأمم المتحدة واليونسكو، والذي ندعو وزارتكم إلى الانخراط فيه بشكل فعّال.

وفي الأخير،  وكما أكد على ذلك وزير الاتصال الأسبق، السيد محمد نبيل بن عبد الله ، فإن  “دعم الصحافة المكتوبة باللغة الأمازيغية هو ضرورة مجتمعية ملحة”، ولهذا فإن أملنا كبير في أن تنكبّ وزارتكم على اتخاذ إجراءات استثنائية وملموسة من أجل سنّ سياسة “تمييز إيجابي” لصالح الأمازيغية، من خلال اعتماد المزيد من الدعم الحكومي الضروري لضمان استمراريتها وتطويرها وتنوع العناوين الصادرة بها. وعلى سبيل المثال، نحيطكم علما سيدي الوزير، أن الصحافة الأمازيغية لم تستفد إلا من نسبة ضئيلة ومخزية تقدر 

بـ 0.005٪ من بين الـ 6 أو 7 مليارات سنتيم التي خصصتها وزارتكم سابقًا لدعم الصحافة المكتوبة قبل الوباء، رغم أن الصحافة الأمازيغة تهم غالبية الشعب المغربي!

وفي انتظار فرصة اللقاء بكم لمناقشة هذه القضية بالتفصيل، تفضلوا، سيدي الوزير، بقبول فائق تقديرنا واحترامنا. 

الإمضاء:

رشيد راحة  ( الراخا)

مدير مشارك لشركة “إديسيون أمازيغ”

الناشرة لجريدة “العالم الأمازيغي”