تبسيط المساطر الإدارية أولويات البرنامج الحكومي في مجال تحديث الإدارة.
الاحداث الوطنية – حسن انوار
تنزيل القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر الإدارية ينطلق يوم 28 مارس 2021
” اعتبر جلالة الملك محمد السادس بأن المرافق والإدارات العمومية تعاني من عدة نقائص، تتعلق بالضعف في الأداء وفي جودة الخدمات التي تقدمها للمواطنين. وقال جلالته بأنها تعاني من التضخم ومن قلة الكفاءة، وغياب روح المسؤولية لدى العديد من الموظفين”، و” إن الإدارة تعاني، بالأساس، من ثقافة قديمة لدى أغلبية المغاربة.. فهي تشكل بالنسبة للعديد منهم مخبأ يضمن لهم راتبا شهريا، دون محاسبة على المردود الذي يقدمونه”.. واضاف: “المسؤولية تتطلب من الموظف، الذي يمارس مهمة أو سلطة عمومية، والذي توضع أمور الناس بين يديه، أن يقوم على الأقل بواجبه في خدمتهم والحرص على مساعدتهم. والواقع أن الوظيفة العمومية لا يمكن أن تستوعب كل المغاربة، كما أن الولوج إليها يجب أن يكون على أساس الكفاءة والاستحقاق وتكافؤ الفرص”.
وقال جلالة الملك بأن “المواطن هو الأهم في الانتخابات، وليس المرشح أو الحزب،
لأن الالتزام الحزبي والسياسي الحقيقي يجب أن يضع المواطن فوق أي اعتبار، ويقتضي الوفاء بالوعود التي تقدم له، والتفاني في خدمته، وجعلها فوق المصالح الحزبية والشخصية”.
واضاف جلالته: “أنا بطبيعة الحال أعتز بالتعامل المباشر مع أبناء شعبي، وبقضاء حاجاتهم البسيطة، وسأظل دائما أقوم بذلك في خدمتهم؛ ولكن هل سيطلب مني المواطنون التدخل لو قامت الإدارة بواجبها؟ .. الأكيد أنهم يلجؤون إلى ذلك بسبب انغلاق الأبواب أمامهم، أو لتقصير الإدارة في خدمتهم، أو للتشكي من ظلم أصابهم”.
وهكذا شكل تبسيط المساطر الإدارية منذ نهاية التسعينيات أحد أولويات عمل وزارة الوظيفة العمومية في مجال تحديث الإدارة. كما أنه يحظى اليوم بأهمية استراتيجية في مجال تطوير جودة الخدمات العمومية ودعم شفافية العلاقة بين الإدارة والمرتفقين وتحسين مناخ الأعمال ببلادنا.
ويقصد ب “تبسيط المساطر الإدارية” مجموع الإجراءات العملية التي من شأنها تطوير العلاقة بين الإدارة والمرتفقين. ويتعلق الأمر على الخصوص ب:
– وضع جرد شامل للمساطر الإدارية والإجراءات الإدارية؛
– تدوين المساطر ودراستها من خلال مراجعة مكونات المسطرة؛ أي الوثائق المطلوبة، المتدخلين في المسطرة، تحديد المصالح المعنية فيما يخص إيداع الطلب أو الوثائق، وتسلم الخدمة، رسوم المسطرة والآجال المعقولة للحصول على الخدمة، والسند القانوني للمسطرة، وأخيرا ملاءمة المساطر مع السند القانوني المحدث لها؛
– وضع المساطر ضمن سجل مركزي يمكن المرتفقين من الولوج إليها والتعرف على مجمل الإجراءات المرتبطة بالحصول على الخدمات العمومية؛
– الإخبار والتعريف بالمساطر الإدارية لدى عموم المرتفقين، من خلال نشرها بمداخل الإدارات و بمواقعها الإلكترونية، وببوابة الخدمات العمومية؛
وتتمثل إشكالية المساطر الإدارية التي تعترض نجاح عملية التبسيط فيما يلي:
– عدم تدوين المساطر والنشر المنتظم لها؛
– عدم تطبيق المساطر بكيفية موحدة في مجموع التراب الوطني؛
– مظاهر التعقيد المسطرية: كثرة الوثائق، طول الآجال،…؛
– بطء تفعيل التدابير التبسيطية؛
وبغية الاستجابة لحاجيات المرتفقين المتعلقة بجودة الخدمات العمومية، تبنت الوزارة الوصية مقاربة تشاركية ومتدرجة من حيث الإنجاز، تقوم على مساهمة جميع القطاعات الوزارية وممثلي المرتفقين.
وبالإضافة إلى جرد شامل للمساطر الإدارية، على أساس بطاقة تتضمن مكونات المسطرة، بما فيها الوثائق المطلوبة، ومكان إيداعها والرسوم التي تقتضيها المسطرة، والجهة التي تتولى تسليم الخدمة، وآجال الحصول على الخدمة أو الوثيقة، والنصوص القانونية التي تعتبر سندا للمسطرة، تهدف هذه المقاربة كذلك إلى تيسير الولوج للخدمات العمومية في إطار علاقة متوازنة بين الإدارة والمرتفقين، وذلك عبر :
• توحيد المساطر والنماذج الإدارية على الصعيد الوطني؛
• إحداث نظام وطني للمصادقة على النماذج الإدارية؛
• إجبارية نشر المساطر الإدارية المعتمدة؛
• الاعتماد الفعلي للتدابير التبسيطية؛
• تكريس مبدأ إلزامية التقيد بالمساطر المنشورة؛
جرد شامل للمساطر الإدارية على أساس بطاقة تتضمن مكونات المسطرة، بما فيها الوثائق المطلوبة، ومكان إيداعها والرسوم التي تقتضيها المسطرة، والجهة التي تتولى تسليم الخدمة، وآجال الحصول على الخدمة أو الوثيقة، والنصوص القانونية التي تعتبر سندا للمسطرة، واعتماد بوابة الخدمات العمومية www.service-public.ma كمصدر رئيسي للمساطر الإدارية المعتمدة ونشرها بالجريدة الرسمية ،
يجسد البرنامج الوطني لتبسيط المساطر الإدارية، المبادئ العامة المتضمنة في دستور المملكة، ولا سيما الباب 12 منه، المتعلق بالحكامة الجيدة، وكذا المتضمنة في البرنامج الحكومي، خاصة في المحور المتعلق بإعادة الثقة بين الإدارة والمواطن.
ويروم البرنامج الوطني لتبسيط المساطر الإدارية، تحسين علاقة الإدارة بالمتعاملين معها، والمساهمة في تيسير الولوج إلى الخدمات الإدارية العمومية، وتحسين مناخ الأعمال، من خلال تدوين وتبسيط ونشر المساطر والتعريف بها، مع تركيز الجهود على المساطر الإدارية الأكثر تداولا، وذات الوقع المباشر على الحياة اليومية للمواطنين والمقاولات.
ويشكل اليوم تبسيط المساطر الإدارية إحدى أولويات البرنامج الحكومي، في مجال تحديث الإدارة، لما له من انعكاس مباشر على تحسين ولوج المرتفقين للخدمات العمومية، وتطوير مناخ الأعمال ببلادنا، وتمكينهم من الحصول على الخدمات العمومية، في إطار من الوضوح والشفافية، والحد من مظاهر التعقيد، المتمثلة في كثرة الوثائق والمتدخلين في إنجاز المساطر وطول آجال الإنجاز والتسليم.
ولقد انطلق إصلاح أو تحديث الادارة المغربية في الحقيقة منذ استقلال المغرب، حيث مر هذا الإصلاح من عدة مراحل منها التخليق فالإصلاح ثم التحديث، حيث أصدرت الدولة عدة قوانين في هذا المجال، وآخرها القانون رقم 55.19 المتعلق لتبسيط المساطير الإدارية بالإدارات العمومية.
فإذا كانت المرافق العمومية تابعة قانونيا لمسؤولية الوزراء الذين يشرفون عليها، لكون الإدارة موضوعة تحت تصرف الحكومة، فإن الدستور كرس أيضا ضرورة التزام موظفيها بمعايير الجودة والشفافية والمسؤولية والمحاسبة لضمان القرب من المواطنين، والإصغاء لمطالبهم، والعمل على تلبية حاجياتهم المشروعة.
هذا واعتبر الملك محمد السادس تدبير شؤون المواطنين وخدمة مصالحهم مسؤولية وطنية، وأمانة جسيمة، لا تقبل التهاون ولا التأخير، مبرزا أن البعض يستغلون التفويض، الذي يمنحه لهم المواطن لتدبير الشأن العام، في إعطاء الأسبقية لقضاء المصالح الشخصية والحزبية، بدل خدمة المصلحة العامة، وذلك لحسابات انتخابية، وهم بذلك يتجاهلون أن المواطن هو الأهم في الانتخابات، وليس المرشح أو الحزب، ويتنكرون لقيم العمل السياسي النبيل..فإذا كانوا لا يريدون القيام بعملهم ولا يهتمون بقضاء مصالح المواطنين، سواء على الصعيد المحلي أو الجهوي، وحتى الوطني، فلماذا يتوجهون إذن للعمل السياسي؟.
فهل ستتحمل الحكومة مسؤولياتها كاملة وتعطي الأولوية وما يكفي من الأهمية لإصلاح إداري شمولي يضمن ملاءمة دور الإدارة مع محيطها السياسي والاقتصادي والاجتماعي؟ وهل ستسترجع الوزارة الوصية اختصاصاتها كاملة وتستعيد دورها القيادي المفقود منذ أمد بعيد في مجال الإصلاح الإداري؟
وكيف ستعالج وضعية الجماعات المحلية بمختلف مستوياتها في مجالات التسيير والحكامة، وإنشاء البنيات التحتية، وتدبير مشاريع التنمية، سيما ان تدبير هذه المؤسسات المنتخبة، أعقد مما هو عليه الأمر في الإدارة العمومية؟. وهذه في الحقيقة وضعية تهدد بكل بساطة مشروعي اللامركزية واللاتمركز الإداري في بلادنا بالفشل، إن لم تطلها إصلاحات جذرية وعميقة.
.
.
.